التناقض الصارخ: تشريع الكحوليات و منع نبتة القنب الطبية

التناقض الصارخ: تشريع الكحوليات و منع نبتة القنب الطبية

التناقضات بين السياسات الدولية فيما يتعلق بالمواد ذات التأثير النفسي تشكل جدلاً مستمراً، خاصة عندما يتعلق الأمر بالكحول والقنب . في حين يُسمح بالكحول في كل دول العالم تقريباً ويتم بيعه بشكل قانوني ، يعتبر القنب سواء للاستخدام الطبي أو الترفيهي في العديد من البلدان على أنه مادة مخدرة غير قانونية أو يتم تقنينه بشروط صارمة جداً. هذا التباين في المعاملة يثير أسئلة حول منطقية و عدالة السياسات حول العالم.

مقارنة بين المخاطر المترتبة على الكحول و القنب

الكحول على الرغم من قانونيته وانتشاره الواسع، يتسبب في مشاكل صحية واجتماعية خطيرة. فهو يُعتبر مسبباً رئيسياً لأمراض الكبد، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والتشوهات الجنينية عند النساء الحوامل. بالإضافة إلى ذلك، يتسبب تعاطي الكحول في زيادة الحوادث المرورية والعنف والاعتداءات الجنسية، مما يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية فادحة سنوياً.

و بحسب منطمة الصحة العالمية يموت ملايين الأشخاص سنوياً بسبب الكحول، ففي العام 2016 وحده أودى الكحول بحياة أكثر من 3 ملايين شخص أي بواقع وفاة واحدة من كل 20 وفاة حول العالم، علماً بأن أكثر من ثلاثة أرباع هذه الوفيات كانت من نصيب الرجال. حوالي 28% من الوفيات كانت ناتجة عن حوادث المرور وإيذاء النفس والعنف بين الأشخاص. ونسبة 21% من الوفيات تُردّ إلى المعاناة من اضطرابات الجهاز الهضمي؛ ونسبة 19% منها تُعزى إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بينما تُرد النسبة المتبقية منها إلى الإصابة بأمراض معدية وبأنواع السرطان والاضطرابات النفسية و تشمع الكبد وغيرها من الحالات الصحية.

في الولايات المتحدة وحدها يبلغ عدد الوفيات بسبب التسمم الكحولي 2200 حالة وفاة سنويًا. و ينجم التسمم الكحولي عن تناول كميات كبيرة من الكحول في مدة زمنية قصيرة، وتؤدي الجرعات المفرطة بشدة إلى نقص التهوية (خمود تنفسي) أو الدخول في غيبوبة أو الموت.

و على النقيض من ذلك يعد القنب الطبي علاجاً للعديد من الحالات المرضية مثل الصرع، الآلام المزمنة، الإلتهابات، السرطانات، الغثيان و فقدان الشهية والعديد من الأمراض الأخرى. وقد أظهرت أبحاث كثيرة فعاليته في تخفيف الأعراض دون أن يسبب تأثيرات جانبية خطيرة أو مميتة مثل تلك المرتبطة بالكحول. كما أنه لم يتم تسجيل أي حالة وفاة رسمية بسبب جرعة مفرطة من القنب في العالم، في حال تناول جرعة مفرطة من القنب خاصة المستخلصات والمأكولات التي تحتوي تركيزاً عالياً من الTHC ،  أسوء ما يمكن حدوثه هو النوم أو تسارع نبضات القلب أو الإصابة ببعض الهلع في حالات نادرة. ومع ذلك، فإن القنب ما زال يواجه تضييقاً على استخدامه بسبب القوانين المتخلفة والغير عادلة التي تعيق دراساته السريرية وتوفيره للمرضى، أو التي تمنع من استخدامه للترفيه.

حلول مقترحة

لتخفيف التناقضات في السياسات الدولية وتحسين المعالجة العادلة والمنطقية للكحول والقنب الطبي، يمكن اعتماد الحلول التالية:

1. تشريعات مستنيرة ومبنية على البيانات العلمية: يجب أن تستند التشريعات المتعلقة بالمواد ذات التأثيرات العقلية إلى الأدلة العلمية والبيانات الطبية بدلاً من الاتجاهات السياسية أو الاجتماعية. ينبغي أن تعكس التشريعات التقدم في البحث الطبي والتقني. يجب مراجعة التشريعات القانونية بشكل دوري وتحديثها بما يتناسب مع الدراسات العلمية الحديثة.
2. تعزيز التوعية والتثقيف: من المهم تعزيز التوعية حول المخاطر الصحية للكحول وتحذير الناس من الاستهتار بتعاطيه. بالإضافة إلى ذلك، يجب زيادة التوعية بفوائد القنب الطبي والترفيهي وتوضيح الاستخدامات الطبية القانونية والآمنة له.
3. تقنين القنب الطبي بشكل أوسع: ينبغي أن تفتح الحكومات المزيد من الأبواب للبحوث السريرية والتطبيقات الطبية للقنب. يجب تبسيط الإجراءات وتخفيف القيود القانونية التي تعترض استخدامه في الطب الحديث.
4. منح الحرية الشخصية والاختيار الطبي: يجب أن تحترم السياسات حق المواطنين في اختيار العلاجات التي يرونها مناسبة لحالاتهم الصحية بناءً على أسس علمية ومنطقية.
5. تنظيم سوق الكحول: يجب تنظيم بيع وتوزيع الكحول بشكل صارم للحد من الاعتماد الضار عليه ولتقليل المخاطر الصحية والاجتماعية المرتبطة به.

وفي الختام

لا يسعنا إلا التذكير بأنه في كانون الثاني/ يناير 2019 أوصت منظمة الصحة العالمية WHO بحذف نبات القنب من فئة العقاقير الأكثر خطورة المدرجة في الجدول الرابع من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات 1961، وهو الجدول الذي يضم المخدرات والعقاقير الثقيلة كالهيروين وغيره من المشتقات الأفيونية. وبالفعل قامت لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة CND في 2020 بالتصويت لمصلحة هذه التوصية، ما فتح مجالاً للكثير من الدول لتقنين تداول واستخدام نبات القنب ومشتقاته.

الحشيش بدل الخمور.. طريقة غريبة تحاول الشرطة الألمانية تطبيقها لتقليل شغب جماهير اليورو