نبات القنب: فوائده الصناعية والزراعية من الأصول التاريخية إلى التطبيقات الحديثة
مقدمة
نبات القنب (Hemp) هو محصول ليفي ينتمي إلى الفصيلة القنبية (Cannabaceae) والجنس (Cannabis) والنوع (C. sativa). يُزرع القنب لأغراض متعددة، منها الحصول على الألياف التي تستخدم في العديد من الصناعات، وبذوره الغنية بالطاقة التي تستخدم في تغذية الطيور والعصافير، إضافة إلى الاستخدامات الطبية والصيدلانية.
تاريخ النبات وانتشاره الجغرافي
يعود الموطن الأصلي لنبات القنب إلى آسيا الوسطى، حيث كان معروفاً لدى الإغريق والهنود والصينيين، وقد ذكر في الكتب القديمة منذ حوالي 800 إلى 1000 سنة قبل الميلاد. انتقل القنب من آسيا الوسطى إلى العديد من المناطق شبه المدارية والمعتدلة، وانتشر في أوروبا ومجموعة الدول المستقلة، وكذلك في أمريكا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط وسوريا، حيث كانت زراعته منتشرة في غوطة دمشق. اليوم، يُزرع القنب في العديد من دول العالم مثل الهند، الصين، اليابان، روسيا، كوريا، أمريكا، والدول الأوروبية كفرنسا ورومانيا وبلغاريا وإيطاليا وإسبانيا، إضافة إلى إيران وتركيا.
الوصف النباتي والخصائص الحيوية
القنب هو نبات حولي ثنائي المسكن، مما يعني أنه يحتوي على نباتات مذكرة ومؤنثة منفصلة. يتم تلقيحه بطريقة خلطية، وينمو بشكل بري في أواسط آسيا وسيبيريا كالقنب العشبي (C. ruderalis). والمزروع في معظم دول العالم كالقنب العادي (C. sativa)، إضافة إلى القنب الهندي (C. indica) النوعان الذان يستخرج من أزهارهما الماريجوانا و مادة الحشيش المعجون.
يتراوح طول ساق القنب بين 1 و5 أمتار، ويكون مستديراً في أسفله ومضلعاً في أعلاه، محاطاً بحزم ليفية حرة. تختلف النباتات المذكرة عن المؤنثة في النحافة والتبكير في النمو. تتجمع أزهار النباتات المذكرة في نورات على شكل عثكول متفرع، بينما تتجمع أزهار النباتات المؤنثة في نورة على شكل سنبلة. تحتوي الزهرة المذكرة على خمس أوراق كأسية وخمس تويجية وخمس أسدية، بينما تحتوي الزهرة المؤنثة على ورقة كأسية بداخلها المدقة والمبيض وحيد الحجرة.
الأهمية البيئية
يعتبر القنب محصولاً صيفياً من نباتات النهار القصير، يتحمل التغيرات الحرارية ولكنه يخشى الصقيع. ينمو بشكل جيد في التربة العميقة الجيدة الصرف ويفضل المناطق ذات الرطوبة الجوية المنخفضة. يستجيب النبات بشكل جيد للأسمدة العضوية و الصناعية، ويُزرع عادة كجزء من الدورة الزراعية كنبات مخدوم ومنافس جيد للأعشاب ومنظّف للتربة. يُعتبر القنب محصولاً ممتازاً لزراعته قبل القمح ويمكن زراعته بعد محاصيل علفية، ولكنه لا ينصح بزراعته بعد الشوندر السكري بسبب وجود آفات مشتركة بينهما.
طرائق الزراعة والخدمات
تُجهز الأرض لزراعة القنب بفلاحة شتوية عميقة مع إضافة الأسمدة العضوية، تليها فلاحة سطحية مع عمليات دحل وتفتيت وتسوية. تضاف الأسمدة المعدنية قبل الزراعة وأثناء مراحل النمو الأولى. يُزرع القنب في أواخر شهر مارس في أغلب الدول الدافئة، ويستمر حتى منتصف أبريل أو أوائل مايو في الدول الباردة ذات الصيف القصير.
الحصاد وعملية التعطين
تنضج النباتات المذكرة قبل المؤنثة بثلاثة أسابيع تقريباً، وتُحصد مع نهاية إزهارها. تُحصد النباتات المؤنثة بعد إثمارها للحصول على الألياف الناعمة والمتينة. تتضمن عملية الحصاد قطع النباتات على ارتفاع 8-10 سم فوق سطح الأرض، وربط السيقان في حزم لتجفيفها في الحقل قبل نقلها للتعطين.
تُجرى عملية التعطين لفصل الألياف عن الساق الخشبي، وتتم إما طبيعياً في الحقل أو في أحواض خاصة بالماء الساخن أو بالطرق الكيميائية.
الأهمية الغذائية والصناعية
تراجعت زراعة القنب في العديد من دول العالم خلال العقود الماضية بسبب المنافسة من المحاصيل الأخرى والألياف الصناعية. ومع ذلك، جددت العديد من الدول اهتمامها بزراعة القنب بسبب النوعية التكنولوجية الجيدة لألياف الأصناف الجديدة التي تُستخدم في صناعة النسج والحبال والأكياس، إضافة إلى الاستخدامات الصناعية والطبية المتعددة.
تحتوي بذور القنب على نسبة عالية من الزيت والبروتين والمعادن والفيتامينات، مما يجعلها ذات قيمة غذائية عالية. تُستخدم الكسبة الناتجة من عصر البذور في تغذية الحيوانات، كما تُستخدم في صناعات أخرى مثل مستحضرات التجميل والمواد الطبية والصيدلانية.
الخاتمة
يُعد نبات القنب محصولاً متعدد الاستخدامات، يمتاز بأهمية كبيرة في العديد من المجالات الصناعية والزراعية والطبية. على الرغم من التحديات التي واجهتها زراعته، إلا أن الأبحاث الحديثة والتطورات التكنولوجية قد أعادت الاهتمام بهذا النبات المهم، مما يعد بمستقبل واعد لزراعته واستغلاله في مختلف الصناعات.