من العقوبة القاسية إلى التشريع
تعتبر تايلاند واحدة من الدول التي كانت تعاقب بشدة على حيازة وتجارة القنب في الماضي. ومع ذلك، فقد شهدت البلاد تغيرات جذرية في تعاملها مع هذه النبتة، حيث تحولت من العقوبات القاسية إلى دعم الزراعة والعلاج بها. سنلقي نظرة مبسطة على كيفية تشريع القنب في تايلاند والتطورات الأخيرة في هذا المجال.
تاريخ نبتة القنب في تايلاند
تم ادخال القنب إلى تايلاند من الهند ، و تم استخدام القنب تاريخياً في جنوب شرق آسيا كمكمل غذائي ، وتوابل مطبخ ، ودواء ، ومصدر للألياف. و من المعروف أن العمال كانوا يستخدمونه كمرخٍ للعضلات. وبحسب ما ورد كان يستخدم لتخفيف آلام المخاض عند النساء. وكان يتم شرب ازهاره المجففة مثل الشاي أو يتم تدخينها. ويعتقد بأنه كان هناك 91 دواءاً مشتقاً من القنب يستخدم في الطب التايلندي.
كما يوجد سلالة اصلية معروفة من تايلند وهي ساتيفا 100% تم استخدامها في تهجين سلالات حديثة عديدة . كما انتشر ايضاً في سبعينيات القرن الماضي تاي ستيك Thai Stick وهي ازهار قنب معالجة يتم وضعها على عود من الخيزران و لفها بأوراق نبتة الماريجوانا ثم يتم ربطها بخيط من القنب فتصبح شبيهة بالسيجار، وذكرها العديد من المطربين في اغانيهم مثل توباك و ايمينيم و دكتور دراي.
السياسات القديمة والعقوبات القاسية
في الماضي، كانت تايلاند تعتبر واحدة من الدول الأكثر صرامة في مكافحة المخدرات، ومن بين هذه المخدرات كان القنب. قد بدأ حظر القنب في تايلاند في عام 1934 عندما قررت الحكومة تجريم النبات بما يعرف قانون القنب ، الذي حظر حيازة وبيع واستخدام القنب لأي سبب حتى لو كان لأغراض العلاج.
في الثمانينات انضمت تايلاند الى أمريكا في مايعرف بالحرب على المخدرات لانهاء تجارة القنب التايلندية التي وصلت الى امريكا في مطلع الستينات من القرن الماضي. أنهت تلك الحرب تهريب القنب الى أمريكا، لكن بالمقابل أدت الى انتقال السكان في تايلاند الى استعمال الميث الذي انتشر بشكل حاد بين الشبان وأصبح المخدر الأكثر انتشاراً بنسبة 90% من اجمالي المخدرات الموجودة.
كانت العقوبة المتوقعة لحيازة وتجارة القنب تصل في بعض الحالات إلى الإعدام. وفي عام 2003 ، شن رئيس الوزراء التايلاندي حربًا شاملة على المخدرات و التي قتلت تقريبًا 3000 انسان خارج نطاق القضاء في إطار جهوده في مكافحة التجارة والتهريب. وتبين فيما بعد أن أكثر من نصف المهربين المزعومين لا علاقة لهم بالقنب أو تهريب المخدرات
و في عام 2016 أعلن وزير العدل الجنرال بيبون كومتشايا أن الحرب على المخدرات قد فشلت، وأنه باتت الحاجة ملحة لإيجاد طريقة أخرى أقل عقابية للتعامل مع تعاطي المخدرات. حيث أصبحت السجون مكتظة بشكل كبير، وثلاثة أرباع السجناء مدانون بتهم تتعلق بالمخدرات، وكثير منهم ما دون السن القانوني. الأمر الذي أدى إلى انتقادات دولية للظروف السيئة التي يعيش فيها السجناء و كلف الحكومة أيضا أموالا طائلة لاحتوائهم.
تايلاند تنتقل من التجريم الى تشريع القنب
مع مرور الوقت، بدأت تظهر بعض الأدلة العلمية التي تشير إلى فوائد القنب الطبية والعلاجية. لاحظت تايلاند هذه الأبحاث وقررت تغيير نهجها في التعامل مع القنب. بدأت الحكومة في دعم البحوث العلمية لفهم المزيد عن فوائده الطبية والاستخدامات المحتملة للقنب.
استنادًا إلى البحوث العلمية الحديثة، قامت تايلاند بتغيير سياساتها المتعلقة بالقنب. و في خطوة جريئة، دخلت الحكومة التايلاندية التاريخ في عام 2018 من خلال تقنين القنب الطبي. حيث أقرت قانونًا جديدًا يسمح بزراعة القنب للأغراض البحثية والطبية والصناعية. و تم إنشاء هيئة تنظيمية تسمى “مكتب إدارة القنب الطبي” لتنظيم صناعة القنب وضمان سلامة وجودة المنتجات.
هذا ما جعل من تايلاند أول دولة في جنوب شرق آسيا تتبنى الإمكانات العلاجية للماريجوانا من خلال السماح للمرضى الذين يعانون من حالات طبية معينة بالوصول إلى الأدوية المشتقة من القنب.
أما التغيير الأكبر فكان في يونيو 2022 عندما قامت الحكومة بإزالة القنب من قائمة الأدوية المحظورة ، مما أدى إلى تقنين جميع أجزاء نبتة القنب. هذا يعني أن الحيازة ، والزراعة ، والاستهلاك لم يعد يعاقب عليها القانون. و سمح للأسر التايلاندية بزراعة ما يصل إلى ستة نباتات في منازلهم وحدائقهم. و قام وزير الصحة العامة أنوتين تشارنفيراكول، بتوزيع مليون شتلة من نبتة القنب مجاناً على السكان لتشجيعهم على زراعتها.
و نفذت الحكومة حملات توعية وبرامج تعليمية للأطباء والعاملين في مجال الصحة وعامة السكان حول استخدامات القنب الطبية وفوائده العلاجية. بهدف تعزيز الفهم الصحيح للقنب و زيادة قبوله في المجتمع. كما قدمت التدريب اللازم للأطباء والممرضين والصيادلة والعاملين في المجال الصحي حول استخدام القنب الطبي ومعايير توزيعه وصرفه لضمان أن يتم استخدام القنب بشكل صحيح وآمن في معالجة الأمراض.
و منذ ذلك الحين، تم إنشاء عدد من المراكز البحثية والمستشفيات في تايلاند لدراسة فوائد القنب الطبية واستخداماته العلاجية. و تم ترخيص بعض المنتجات المشتقة من القنب، مثل الزيوت والمستحضرات الصيدلانية، للاستخدام الطبي في الحالات المحددة وتحت إشراف طبي. و أصبحت تايلاند أول دولة تقوم بتطوير سلالة القنب الخاصة بها والمخصصة لبرنامج الماريجوانا الطبي في البلاد. الصنف عبارة عن تهجين بين سلالة محلية وسلالة أجنبية أطلق عليها باحثون في جامعة مايجو اسم إيسارا 01.
كما سنت الحكومة قوانين وقواعد رقابية صارمة للتحكم في زراعة القنب وتصنيعه وتوزيعه. حيث يتم مراقبة جودة المنتجات وسلامتها والتحقق من التزام الشركات بالقوانين واللوائح المعمول بها. ووضعت شروطاً لمنح التراخيص لمقاهي القنب ومنعت استهلاك القنب في الأماكن العامة كي لا يتسبب ذلك في الازعاج، كما وضعت شرطاً أن لا يتم بيعها لمن هم تحت ال20 عاماً.
الآثار الاجتماعية والاقتصادية
تشكل تشريعات القنب الجديدة في تايلاند آفاقًا جديدة من الفرص الاقتصادية والتنمية. تعتبر مجالات القنب الطبي والصناعي مصدرًا مهماً لايجاد فرص العمل والدخل للمزارعين والشركات الصغيرة والمتوسطة ويتوقع أن تدر هذه الصناعة ما يعادل نحو 3 مليار دولار سنوياً. بالإضافة إلى ذلك، تعزز هذه الصناعة السياحة الطبية في تايلاند، حيث يتوافد الأشخاص من مختلف البلدان للحصول على العلاجات المشتقة من القنب.
كما أن أكثر من 4000 شخص مسجون بتهم تتعلق بالقنب قد تم إطلاق سراحهم من السجن. وتم إطلاع جميع السجناء على التغييرات في القوانين المتعلقة بـ القنب قبل إطلاق سراحهم وأخبروهم بأنه يمكنهم المطالبة بجميع سلعهم المصادرة منهم.
يقول أحد السجناء: كل ما يمكننا رؤيته هو الشعور بالسعادة والفرح بعد إطلاق سراحنا ووجودنا بجوار عائلاتنا الحبيبة. يمكن أن يكون للوضع المليء بالعواطف تأثير إيجابي على المساجين وينعكس ذلك على عائلاتهم بأكملها بعد تحريرهم من قبل السلطات.
شاهد كيف كانت لحظات الافراج عن المساجين بتهم حيازة او استهلاك الماريجوانا
وحالياً بات القنب موجود في كل مكان، في الآيس كريم، وفي الأطباق التايلاندية الكلاسيكية وفي وصفات العصائر الجديدة. ليس هذا فقط، فهناك أشخاص يبيعون لحوم الدجاج التي تتغذى على بذور ونباتات القنب. والخلاصة أن قانون التشريع أصبح مصدر ترحيب من المجتمع التايلندي الذي يأمل بتحقيق مكاسب اقتصادية وطبية واجتماعية وتوفير فرص عمل للكثيرين في هذا القطاع.
تعلموا #تشريع_القنب من تايلاند 💚
الحكومة التايلاندية توزع مليون شتلة من نبتة #القنب على العائلات مجاناً لزراعتها داخل منازلهم بشرط استخدامها في المجالات #الطبية ☘️🌿🌱
عشاء تايلندي فاخر بنكهة السعادة 💚
مهرجانات القنب في تايلاند 🌿
مهرجان للقنب في #تايلاندا بعد تخفيف القيود على النبتة
🌿 استفاد آلاف المشاركين من تخفيف القواعد خلال المهرجان الذي نظمته مجموعة “هايلاند نيتوورك” المدافعة عن الحق في تناول #الماريخوانا
🌿 قدم نحو 3000 شخص إلى وايت ساندز بيتش الواقعة في ولاية ناخون باتوم شرق بانكوك و انتشروا حول بحيرة الأكشاك التي تبيع كل ما يرتبط بالماريخوانا
🌿 القوانين الجديدة لا تسمح للأشخاص بتدخين القنب خارج منازلهم إذ تؤدي هذه الممارسة إلى توقيفهم بموجب قانون “تعكير الانتظام العام” وليس وفق قوانين مكافحة المخدرات
ماكينة لبيع منتجات القنب في تايلاند